الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد:
السنة
السنة هي التطبيق العملي لكتاب الله، والبيان القولي والفعلي للقرآن الكريم، وهي كذلك دليل إضافي مع القرآن الكريم فهي الأصل الثاني والمكمل و المبين للأصل الأول في علم الأصول .
[color=brown]ثبوت السنة وحفظها :
السنة النبوية قد حفظها الله سبحانه وتعالى كما حفظ كتابه الكريم وذلك أنها كما تقـرر هي بيان القرآن، وضياع البيان ضياع للقرآن، قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر:9) وقال سبحانه وتعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} (النحل:44).
فلو لم يحفظ الله بيان القرآن لما كان القرآن محفوظا وذلك أن القرآن لا يطبق على وجهه الصحيح، ويفهم كما أراد الله إلا ببيان الرسـول صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به* إن علينا جمعه وقرآنه* فإذا قرأناه فاتبع قرآنه* ثم إن علينا بيانه} (القيامة:16-19)، وقد فسر ابن عباس هذه الآيـة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلاقي من القرآن شدة فكان يحرك لسانه به، حال الوحي فأمره الله أن يسمع عند إلقائه إليه، وأن عليه أن يجمعه في صدره، ويقرأه كما أنزل إليه، ثم إن عليه سبحانه أن يبينه له بعد ذلك.
وقد نقل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا البيان بقوله وفعله وقد توفرت بحمد الله كل الدواعي لحفظ السنة النبوية ومن ذلك:
1- أنها في الحكم قرينة القرآن فلذلك اعتني بها الصحابة رضوان الله عليهم فالتزموها، وأشاعوها، ونقلوها.
2- أن الصحابة قد أوتوا من قوة الحفظ، وصفاء الذهن، وعظيم التقوى ما مكنهم من حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
3- نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول الأمر أن يكتب حديثه و ذلك لتوفير وسائل الكتابة كلها للقرآن فقط، وسمح لبعض الصحابة بالكتابة.
4- ولما جمع القرآن، وحفظ في مصحف واحد، قام التابعون بتدوين السنة كتابة، فاجتمع للسنة الحفظ في الصدور، والكتابة في السطور.
5- نقل التابعون وتابعوهم بإحسان سنة النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الإسناد وهو أن ينقل اللاحق منهم عن السابق، والمبلغ عن الشاهد والراوي عمن قبله.
6- وقام علماء متخصصون كان همهم الأول جمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتدوينها، وتمييز هذه الأسانيد صحيحها من ضعيفها ... وقام من أجل ذلك علم عظيم لم تعرفه أمة من الأمم السابقة التي تنقل عن أنبيائها كاليهود والنصارى... وإنما اختصت الأمة الإسلامية به دون سواها.. وهذا العلم هو علم الإسناد، وتحته أكثر من ستين فرعا أو نوعا، ومن هذه الفـروع وضع مصطلحات خاصة بهذا العلم، وضبط أسماء كل من روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة تواريخهم وتفاصيل حياتهم، وضبط سني ولادتهم ووفاتهم، وتلاميذهـم، وشيوخهم وأوطانهم. ثم وضع ضوابط لتقييم كل راوٍ ومتى تقبل روايته، ومتى ترد، ومتى تكون مقبولة في الشواهد والمتابعات وتقوية رواية أخرى.
وهذه العلوم التي سميت بعلوم الحديث لا توجد عند أمة قط غير الأمة الإسلامية وهذه العلوم كانت كفيلة بحمد الله أن تميز ما صح نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما افتراه الكذابون وأرادوا إلصاقه بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
تعريف السنة
1 ـ السنة في اللغة:
هي : السيرة المستمرة و الطريقة المعتادة المستقيمة حسنة كانت أو سيئة (أنظر لسان العرب، مادة : س ن ن ) و من ذلك قوله صلي الله عليه و سلم ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، و من سن سنة سيئة ....) رواه مسلم . يريد من عمل ليقتدي به فيها .
و كل من ابتدأ أمرا و أقتدي به فيه من بعده قيل : هو الذي سنه قال الشاعر :
كأني سننت الحب أول عاشق من الناس إذ أحببت من بينهم وحدي .
و قد يراد بها حسن الرعاية و القيام علي الشئ، من قولهم، سننت الإبل، إذا أحسنت رعايتها و القيام عليها .
و تطلق في العرف الاسلامي علي طريقة الإسلام، و منه قولهم : فلان علي السنة، و قولهم : سنة وبدعة .
وقال الأزهري: السنة الطريقة المستقيمة المحمودة، و لذلك قيل : فلان من أهل السنة .
وقيل: السنة الطريقة والسيرة حميدة كانت أو ذميمة. قال خالد بن زهير الهذلي:
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها فأول راض سنة من يسيرها
وإذا عمت السيرة الحميدة والذميمة فإنها تقيد بما تضاف إليه، فلا يخفى أن ثمة فرقاً بين سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرة أبي جهل لعنه الله مثلاً.
2- السنة في الشرع :
و تطلق السنة و يراد بها الواقع العملي، فهي تطبيق الشريعة الاسلامية و مفهوماتها، سواء كانت واردة في القرآن الكريم أو الحديث الشريف، أو مستنبطة منهما.
و هي بهذا المعني تشمل – تشمل مع ما يؤثر عن رسول الله صلي الله عليه و سلم عمل الخلفاء الراشدين، و أصحابه رضوان الله عليهم جميعا .
و من ذلك قوله صلي الله عليه و سلم : ما بال أقوام قالوا كذا و كذا، لكني، أصلي و أنام و أصوم و أفطر و أتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني. أخرجه مسلم .
و يختلف معني السنة في اصطلاح المتشرعين حسب اختلاف فنونهم و أغراضهم، فهي عند الأصوليين غيرها عند المحدثين أو الفقهاء، و لذلك نري مدلول معناها من خلال أبحاثهم و اختلاف المباحث التي تناولتها وقامت بتحديدها.
فالسنة عند علماء الأصول:
هي كل ما صدر عن النبي صلي الله عليه و سلم من قول أو فعل أو تقرير مما يصلح أن يكون دليلا لحكم شرعي .
و علماء الأصول إنما بحثوا عن رسول الله (صلي الله عليه و سلم) المشرع الذي يضع القواعد للمجتهدين من بعده، و يبين للناس دستور الحياة، و لذلك عنوا بأقواله، و أفعاله، و تقريراته التي تثبت الأحكام وتقررها .
من تعريف السنة الشريفة السابق عند الأصوليين نلاحظ أنها عندهم أقسام ثلاثة، هي:
السنة القولية ـ والسنة الفعلية ـ والسنة التقريرية.
فالسنة القولية: هي كل ما نقل لنا عن النبي e من أقواله الشريفة، وهي كثيرة تكاد لا تدخل تحت الحصر، ذلك أن الصحابة y كانوا يرافقون رسول الله e في خلواته وجلواته، وكانوا يعنون عناية فائقة في حفظ كلامه واستذكاره وروايته، لعلمهم بأنه أصل من أصول هذه الشريعة، حتى إن بعضهم كان يدون عنه كل ما يقول، من أمثال عبد الله بن عمرو t، وكان النبي e يقره على ذلك، ومن أمثلته قول النبي e: (إنما الأعمال بالنيات) متفق عليه وقوله e: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان) متفق عليه وغير ذلك.
والسنة الفعلية: هي كل ما رواه الصحابة الأجلة عن أفعاله e وأعمال وعبادته وكل تصرفاته، فقد أحصوا – لشدة حرصهم – أفعاله كلها ونقلوها لنا، من ذلك كيفية وضوئه وصلاته وصومه وتهجده، ومعاملته لنسائه، وأقاربه وصحابته وغير ذلك ويعرف فعله e بقول الصحابي: (فعل رسول الله e كذا وكذا).
والسنة التقريرية : هي أن يقال قول أو يفعل فعل أمام النبي e أو أمام غيره فيراه أو يسمع به فيسكت عنه، لأن الرسول e مشرِع لا يجوز سكوته على معصية، ولذلك يعتبر سكوته عن هذا الفعل أو القول إقرارا بمشروعيته، أي إن سكوته e بمثابة قوله: (هذا حلال أو هذا مشروع)، وإذا كان ذلك كذلك كان سنة، ومن باب أولى ابتسامته واستبشاره واستحسانه للفعل أو القول الذي جاء بين يديه، فإنه دليل على رضاه عنه وإقراره لمشروعيته أيضا،
· فمن أمثلة النوع الأول قول أحد الصحابة: (أكل الضب على مائدة رسول الله e فلم يأكل منه ولم ينهنا عن أكله) رواه الترمذي .
· ومن النوع الثاني ما روي من سؤاله e لمعاذ بن جبل t عندما أرسله إلى اليمن قاضيا، حيث قال له: بم تقضي يا معاذ ؟ قال بكتاب الله، قال فإن لم تجد ؟ قال: فبسنة رسول الله، قال فإن لم تجد ؟ قال : أجتهد رأيي، فقال النبي e ندها: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضي الله ورسوله)رواه الترمذي و أبو داود و احمد ، فهذا الاستحسان دليل الرضا والإقرار لما ذهب إليه معاذ t.
وعند علماء الحديث:
لما كان هدف المحدثين هو : معرفة ما كان عليه رسول الله صلي الله عليه و سلم في أقواله و أفعاله وتقريراته و صفاته الخلقية و الخلقية، و كل ما نسب الي الرسول صلي الله عليه وسلم بإعتباره قدوة حسنة، و أسوة يجب علي المسلمين أن يتأسوا به في كلما فعل و كل ما ترك.....
لما كان هدفهم هو هذا عرفوا السنة بما يحقق هذا الهدف فقالوا :
السنة : هي ما أضيف الي النبي صلي الله عليه و سلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية أو سيرة سواء كان ذلك قبل البعثة أو بعده ...
السنة ما أضيف إلى النبي صلى الله علي وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خُلُقية.
فعلماء الحديث إنما بحثوا عن رسول الله صلي الله عليه و سلم الامام الهادي، الذي أخبر الله عنه أنه أسوة لنا و قدوة، فنقلوا كل ما يتصل به من سيرة، و خلق، و شمائل، و أخبار، و أقوال، و أفعال، سواء أثبت ذلك حكما شرعيا أم لا ..... (لاحظ) .
و عند علماء الفقه :
السنة هي : هي الدرجة بين الواجب و المباح، أو هي : ما فعله النبي صلي الله عليه و سلم في جماعة و واظب عليه، أو أمر بفعله أو أقر فاعله عليه، و لم يدل دليل علي وجوبه . أو هو ما يؤجر عليه فاعله و لا يأثم تاركه .
أو هي : ما ثبت عن النبي صلي الله عليه و سلم من غير إفتراض و لا وجوب، و تقابل الواجب و غيره من الاحكام الخمسة، أي تطلق السنة عندهم علي النوافل من العبادات غير المفروضة، مما نقل عن النبي صلي الله عليه و سلم سواء كانت مؤكدة يكره تركها أو غير ذلك
و علماء الفقه إنما بحثوا عن رسول الله (صلي الله عليه و سلم) الذي تدل أفعاله علي حكم شرعي، و هم يبحثون عن حكم الشرع في أفعال العباد وجوبا، أو حرمة، أو إباحة، أو غير ذلك
وعلماء الفقه يختلف تعريفهم للسنة تبعاً لاختلاف أنظارهم وتفاوت أفهامهم.
و بعد أن أستقرت المصطلحات في مؤلفات أصول الحديث و الفقه و أصوله، وجدنا للسنة مفهومات محددة تسير عليها هذه المؤلفات، و يسير عليها العلماء المتأخرون في هذه العلوم الثلاثة .
قال الشيخ الخضر حسين: وتطلق ـ أي السنة ـ على ما يقابل البدعة، فيراد بها ما وافق القرآن أو حديث النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وسواء كانت دلالة القرآن أو الحديث على طلب الفعل مباشرة أو بوسيلة القواعد المأخوذة منهما. وينتظم في هذا السلك عمل الخلفاء الراشدين، والصحابة الكرام للثقة بأنهم لا يعملون إلا على بينة من أمر دينهم.
وقال ابن حزم رحمه الله تعالى: »السنة هي الشريعة نفسها، وأقسامها في الشريعة فرض أو ندب أو إباحة أو كراهة أو تحريم، كل ذلك قد سنه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل« اهـ.
وأوضح الدكتور دراز ذلك بأن قال: إن كلمة السنة في الاستعمال الشرعي اقتصرت عند الإطلاق على ما هو ممدوح ومطلوب، فبين أن كلمة السنة في الاستعمال الشرعي صارت إلى معنى أخص من معناها في الاستعمال اللغوي، فلا تكاد تستعمل في لسان الشرع في أمر دنيوي، بل تستعمل في الشؤون الدينية الخاصة. وإذا وردت كلمة السنة مطلقة عن القرائن في لسان النبوة والسلف الصالح اختصت بوصف تباين به البدعة، ولا تتناول على ذلك إلا ما كان حقاً وصواباً، وبعد العصر الأول انقسم علماء الشريعة قسمين: قسم وقف عند هذا الاستعمال الشرعي، وقسم قصر السنة على ما جرى العمل به بذاته على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.اهـ.
أنواع السنة
أربعة أقسام:
1ـ السنة القولية . 2 ـ السنة الفعلية. 3ـ السنة التقريرية. 4ـ السنة الوصفية. لكن علماء الأصول قد أهملوا السنة الوصفية باعتبار أنها لا يستفاد منها أحكام عملية تكليفية.
فنوجز الكلام هنا على السنة القولية والفعلية والتقريرية.
السنة القولية:
وهي ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم، فكل قول صحت نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وجب اتباعه فيه بحسب صيغته وما يقتضيه من وجوب ونحوه، ولا يصح إهداره أو تجاهل ما ورد فيه. وتتفاوت مراتب الأقوال بتفاوتها في درجة الثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدى دلالتها صراحة أو ضمناً على الأحكام.
وسنة القول تشكل القدر الأكبر من السنة النبوية الشريفة، وتعتبر الأساس الأعظم في أخذ الأحكام والاستنباط منها فيما يعرض من شؤون.
2 ـ السنة الفعلية:
وهي ما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم. ولعل من الأهمية بمكان دراسة حجيتها ليتبين لنا صحة نسبة الابتداع لمخالفها أو عدم صحتها.
3) السنة التقريرية:
وهي ما أقره الرسول صلى الله عليه وسلم مما صدر عن بعض أصحابه من أقوال وأفعال، بسكوته وعدم إنكاره، أو بموافقته وإظهار استحسانه، فيعتبر بهذا الإقرار والموافقة صادراً عن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه.
فالإقرار يكون بالسكوت فقط وذلك أقله، كما يكون أيضاً بالإفصاح والإبانة عن إقراره، كما حققه الشيخ العلامة عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله في التتمة الأولى على الموقظة.
وينقسم إلى إقرار على القول، وإقرار على الفعل، وكل منهما ينقسم إلى ما فعل بحضرته، وما فعل بعيداً عنه وعلم به، إما لأن أحداً أخبره، أو لأن مثل هذا الفعل لا يمكن أن يخفى عليه اهـ.
وكون الإقرار حجة على الجواز هو ما ذهب إليه أكثر علماء الأصول والحديث
إن السنة التقريرية تعني أن يقول أحد الصحابة قولاً أو أن يفعل فعلاً ابتداء من نفسه، دون أن يكون له سند من كتاب أو سنة يخصه بعينه، ثم يبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فيسكت عنه صلى الله عليه وسلم ولا ينكره، أو يقرره بقول منه أو فعل من جنسه أو استبشار به أو دعاء لفاعله، إلى غير ذلك مما يعلم به جواز هذا الفعل أو القول، فيصير سنة نبوية شريفة بهذا الإقرار يعلم بها جواز ما أقره له ولغيره من الأمة كما فصله وقرره علماء الشريعة الغراء.
فالناظر في هذا الكلام يعلم أن للسنة التقريرية أركاناً لابد منها :
1 ـ إحداث أحد الصحابة الكرام شيئاً لم يكن.
2 ـ بلوغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
3 ـ إقراره صلى الله عليه وسلم لذلك بسكوت أو قول أو فعل أو غير ذلك.
حجية السنة الشريفة :
·[size=18] والحقيقة إني لا أكاد أفهم معنى للإسلام بدون السنة، ومتى كانت حجيتها بهذه الدرجة من الوضوح، فان إقامة البرهان عليها لا معنى له، لأن أقصى ما يأتي به البرهان هو العلم بالحجية، وهو حاصل فعلا بدون الرجوع إليه، ولكن أسيادنا العلماء الأعلام من الأصوليين درجوا على ذكر أدلة على ذلك من الكتاب والسنة والإجماع والعقل، ولا يسعنا إلا مجاراتهم في هذا المجال، فنقول
السنة الشريفة دليل أصلي من أدلة التشريع الإسلامي، وقد ثبتت حجيتها بالقرآن والسنة والإجماع والعقل.
1- في القـــرآن : فآيات كثيرة تدل على أن الله فرض علينا اتباع النبي e في كل ما يقوله ويفعله ويقره من الأعمال والتصرفات من ذلك :
· قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:59)
· وقوله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء:80)،
فإن في هاتين الآيتين الكريمتين أمر صريح وبيان واضح بأن طاعة الله وطاعة الرسول شيء واحد لا تقبل إحداهما إلا بالأخرى، وما طاعة الله إلا اتباع كتابه، وما طاعة الرسول e إلا إتباع سنته، وقد أثبتنا حجية الكتاب قبل قليل، فلم يبق إلا اعتبار السنة الشريفة حجية بدلالة ذلك.
فلذلك كانت السنة الشريفة واجبة الاتباع.
فإن قيل: إن كانت السنة الشريفة وحياً فما الفرق بينها وبين القرآن الكريم ؟
قلنــا :
أ- أن القرآن الكريم جاء عن طريق الوحي بلفظه ومعناه .
ب- أما السنة الشريفة فمعناها من الله تعالى، أما ألفاظها فمن النبي e .
فإن قيل : فما الفرق بين الحديث النبوي والحديث القدسي، إذ الحديث القدسي معناه من الله تعالى ولفظه من النبي e ؟
توقيع ملك غزة